لماذا يجب على كل مسيحي أن يقف مع إسرائيل: الثقة في وعود الله الثابتة

المقدمة
لسنوات طويلة، كانت الرواية حول دولة إسرائيل مشوشة بتعقيدات سياسية ومنظورات منحازة. لكن بالنسبة للمسيحيين، ارتباطنا بهذه الأرض وشعبها أعمق بكثير من مجرد العناوين الإخبارية المؤقتة. إنه جزء من نسيج إيماننا، يتردد صداه عبر التاريخ، ويُفرض علينا بقوة ضميرنا الأخلاقي، كما أنه ذو أهمية استراتيجية في عالم مضطرب. وفي قلب هذه العلاقة تكمن مسألة جوهرية عن شخصية الله وصدق وعوده. لقد حان الوقت لكي يقف كل مسيحي إلى جانب إسرائيل، لأن نزاهة اختيارنا نحن كمؤمنين امناء تتوقف على ذلك.

الوعود التي لا تنكسر ومسألة الاختيار
إيماننا متجذر في وعود الله لإبراهيم، ذلك العهد الأبدي الذي يمتد لنسله وللأرض التي وعد بها (تكوين ١٢: ١-٣، ١٧: ٧-٨). الادعاء بأن الله، بعد أن اختار إسرائيل كشعبه المنتخب ومنحهم وعدًا أبدياً، قد تخلى عنهم الآن، هو تفكيك لأساس ثقتنا به. إذا كان اختيار إسرائيل، وهو حجر الأساس في الرواية الكتابية، يمكن إبطاله، فما الضمان الذي يتمتع به المسيحيون من الأمم فيما يتعلق باختيارهم من خلال المسيح؟ إذا كانت وعود الله لإسرائيل مشروطة ويمكن التراجع عنها، فكيف يمكننا نحن، الذين طُعّمنا في عائلة الله بالإيمان (رومية ١١: ١٧-٢٤)، أن نكون واثقين من أن وعوده لنا ثابتة؟
لقد واجه الرسول بولس هذا السؤال في رسالته إلى أهل رومية، مؤكدًا بوضوح: “لم يرفض الله شعبه الذي سبق فعرفه” (رومية ١١: ٢). حيث استخدم تشبيه شجرة الزيتون ليُظهر كيف أن المؤمنين من الأمم هم أغصان طُعّمت في الجذر القائم لإسرائيل. فإذا كان الجذر نفسه غير جدير بالوعد الأبدي لله، فكيف تكون الأغصان المطعمة ثابتة؟ إن إنكار الأهمية المستمرة لإسرائيل في خطة الله هو تقويض لمفهوم أمانة الله وعدم تغير كلمته. إعلان الله القوي في تكوين ١٢: ٣ – “وأبارك مباركيك وألعن لاعنيك” – ليس مجرد اقتراح، بل هو مبدأ إلهي يحمل آثارًا عميقة على كيفية تعاملنا مع إسرائيل، وهو مرتبط مباشرة بالبركات التي نأمل في الحصول عليها من خلال عهدنا مع الله.

واجب أخلاقي متجذر في التوبة
للأسف، لا يدرك الكثير من المسيحيين أن تاريخ التعامل المسيحي مع الشعب اليهودي مُلطخ بالمآسي والاضطهاد، من فظائع العصور الوسطى إلى الجرائم التي لا توصف خلال الهولوكوست. لا يمكننا أن نقف مكتوفي الأيدي بينما يواجه أحفاد الذين عانوا من تلك الويلات تهديدات مستمرة لوجودهم. دعم إسرائيل ليس مجرد موقف سياسي؛ إنه واجب أخلاقي، وفرصة لتصحيح أخطاء الماضي، والإعلان بوضوح: “لن يحدث ذلك مجددًا.” إن قيام إسرائيل كان بمثابة ملاذ بعد معاناة لا يمكن تصورها، ودعمنا الراسخ هو تعبير عن التزامنا بأمنهم وسلامتهم، وتجسيد ملموس للتوبة عن الظلام الذي كان يميز علاقتنا بهم. وبالنسبة للأقليات المسيحية – مثلي – تمثل إسرائيل أمانة الله وأملًا في خلاصنا من الخطيئة والاضطهاد. لذلك، أنا أدعم دولة إسرائيل بدون تردد.

برّ الله في موقفنااا
من الناحية الأخلاقية، فإن قضية دعم المسيحيين لإسرائيل لا تقبل الجدل. فالشعب اليهودي، مثل أي أمة أخرى، يمتلك الحق الأصيل في تقرير مصيره في وطنه التاريخي. وبينما ندرك التعقيدات والحاجة إلى العدالة لجميع الشعوب في المنطقة، يجب ألا نفقد رؤية هذا الحق الأساسي. قيمنا المشتركة – الالتزام بالعدالة والرحمة وسيادة القانون – تربطنا معًا. إن قصة إسرائيل هي قصة نجاح وأمل لجميع الأقليات المضطهدة في الشرق الأوسط، وخاصة المسيحيين. هذه القصة ينبغي أن تلهم الأقباط وغيرهم من المسيحيين المضطهدين للسعي نحو البرّ والعدالة. إلهنا هو إله العدل، وموقفنا تجاه إسرائيل يجب أن يعكس هذا البرّ الذي لا يتزعزع.

الوقوف من أجل الاستقرار والحقيقة
من الناحية السياسية، فإن دعم إسرائيل ليس فقط القرار الصائب، ولكنه القرار الحكيم أيضًا. في منطقة الشرق الأوسط المضطربة، تظل إسرائيل حليفًا قويًا وموثوقًا للديمقراطيات الغربية، حيث تشارك معلومات استخباراتية وأمنية حيوية في مكافحة التطرف الراديكالي. إنهم يقفون في الخطوط الأمامية ضد القوى التي لا تهدد إسرائيل فقط، بل تهدد أيضًا القيم التي نعتز بها. بالإضافة إلى ذلك، فإنها الدولة الوحيدة في الشرق الأوسط التي يشهد فيها عدد السكان المسيحيين نموًا. إن تقويض إسرائيل يعني إضعاف شريك مهم وتعزيز قوة من يسعون إلى زعزعة استقرار المنطقة وتهديد السلام العالمي. صمودهم في وجه جيرانهم العدائيين يستدعي تضامننا الدائم، وهو اعتراف واقعي بأهميتهم الاستراتيجية في عالم يحتاج إلى الاستقرار.
حان الوقت لنتجاوز مرحلة المشاهدة السلبية. كمسيحيين من خلفيات متنوعة، نحن مدعوون إلى التحرك، لنقف بشجاعة وبدون تردد مع إسرائيل. إيماننا يطالبنا بذلك، والتاريخ يُلزمنا به، وأخلاقياتنا تحتم علينا، ومصالحنا الاستراتيجية تتماشى معه. لكن قبل كل شيء، فإن مدى ثقتنا في وعود الله لنا كمؤمنين من الأمم يعتمد على إدراكنا لعهد الله الدائم مع إسرائيل. إذا كان الله يمكن أن يتخلى عن شعبه المختار ووعده الأبدي، فما الضمان الذي لدينا نحن في اختيارنا؟ دعونا نجعل أصواتنا واضحة ودعمنا غير متزعزع. قفوا مع إسرائيل، لأن ذلك هو تأكيد على شخصية الله التي لا تتغير وثبات كلمته. قفوا مع إسرائيل، لأنها ببساطة الخيار الصحيح

Published by H.N.AbdelMalek

Fugitive from Pharaoh, servant of God, seeking Freedom and Peace

Leave a comment